اقسام المدونة

Image Hosted by ImageShack.us Image Hosted by ImageShack.us Image Hosted by ImageShack.us

مواضيع العشرة الأخيرة

معرض الصور

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

موسوعة ويكيبيديا

لقاء مع معمر من بيبان----رحلة سندباد ---وصراع من أجل العيش والحياة الكريمة


لقاء مع معمر من بيبان----رحلة سندباد ---وصراع من أجل العيش والحياة الكريمة


نشرت مجلة أور ( مجلة فصلية ثقافية عامة تصدرها جمعية الثقافة الكلدانية -فرع القوش )في العدد-19-
( المقال منقول بالكامل ) . أجرى اللقاء -ايفا حبيب -في قرية بيبان .

أخذنا سندباد على بساطه السحري هذه المرة الى احدى قرى ناحية االقوش ، بحثا عن معمر ، فحط في قرية بيبان التي يقطنها الاخوة الايزيديين ، تبعد تقريبا ( 6 ) كم جنوب شرق مركز الناحية ، ألتقينا برجل يقارب عمره التسعون ، وله من الاولاد ( 9 ) ومن الاحفاد ( 45 ) حفيدا ، رغم سنه كان يتمتع بصحة جيدة وذاكرة قوية . حيث كان وصفه للاحداث وكأنه يعايشها باللحظة ، يعاني من ضعف في البصر والسمع ، تحمل خلال الاربعة عقود الاولى من عمره ما لم يتحمله ( يوسف الصديق ) من فقر وبؤس وعوز وحرمان .
أدارت له الدنيا ظهرها منذ طفولته ، حتى العقد الخامس عندما أبتسمت له الدنيا وأظهرت له الحياة وجهها المشرق والمفعم بالأمل ، وكما يقال ( كل عسر بعده يسر ) ، انه السيد ( كافان علي ميرزا القائدي ) من قرية بيبان ، من مواليد 1924 . ترعرع في عائلة فقيرة تتكون من أب وأم وأخوين حيث كانت له أخت وافاها الاجل وهي طفلة بسبب المرض وعدم توفر العلاجات آنذاك .. ألتقيناه في داره وتحدث الينا بثلاث لغات ( كردي وكلداني وعربي ) وقال :منذ صغري كان أبي يأخذني معه للحقل لكي أساعده في الزراعة وتربية الحيوانات  حيث كانت تتطلب  جهدا كبيرا لأن المحراث كان بدائيا آنذاك ، وفي الصيف كنا نقوم بحصاد الحنطة يدويا بالمنجل ، حيث كان الانتاج قليلا في بعض السنوات بسبب ( حشرة السونة أو الجراد ) لعدم توفر المبيدات لمعالجتها ، وكنا نعيش في بيوت من الطين ونعاني من الامراض  بسبب الفقر وعدم توفر الماء الصافي والعلاجات المطلوبة .
من الذكريات التي لازالت عالقة في ذهني وعندما أتذكرها أقول الحمد لله على ما كنا عليه ، ففي سنة ( 1933 ) حدث فرمان الآثوريين في منطقة سميل وكان عمري حينها (9 ) سنوات حيث شاهدت هجرة الآثوريين رجالا ونساء أطفالا وشيوخا ، من قراهم ( داشقوطان، عين بقرة ، كرنجوك ، بيرو زافا ، كرماوة ) مرورا بجانب قريتنا متوجهين الى القوش للاحتماء بين أهلها من بطش السفاحين والقتلة حيث قدم أهل بيبان لهم الطعام والشراب مما تيسر لتخفيف معاناتهم .
في عام 1938 م توفيت والدتي بسبب المرض حيث لم يستطع أبي نقلها الى المستشفى حسب ما أتذكر ، فأزدادت أحوالنا سوءا وفقدت بذلك الصدر الحنون الذي كنت اشكي له آهاتي فقد كانت بمسحة يدها تزيل همومي وأتعابي ...بعد ذلك ولسد رمق العيش ومساعدة والدي بعد وفاة الوالدة أشتغلت ( راعيا للبقر ) لأهل القرية وأنا بعمر ( 14 ) ربيعا ولمدة ( 3 ) سنوات ، سوقت للخدمة العسكرية الالزامية سنة 1942 حيث شاركت في المعارك التي دارت آنذاك في كوردستان العراق في منطقتي دينارته وبارزان بين الحكومة الملكية وحركة التحرير الكردية بقيادة المرحوم ( ملا مصطفى البارزاني ) رحمه الله ، حيث قام الجيش الكوردي بتطويق لوائنا ( اللواء الخامس )بأكمله ولمدة سبعة أيام بلياليها ، وكنا محاصرين في حقل مزروع بالرز ( الشلب )ولعدم توفر الطعام والشراب بسبب الحصار، كان هذا الشلب غذائنا حيث كنا نمضغه لنحصل على عصير الرز  ليكون قوتا لنا ثم بدأت طائرات الهيلوكوبتر توصل لنا الامدادات بواسطة المظلات ، ومن المشاهد المأساوية التي مازالت ماثلة  أمام عيني ، أتذكر احدى المظلات محملة ببرميل للوقود هوت بسرعة لأنها لم تنفتح وسقطت على خيمة كان فيها اسكافي فقطعته الى نصفين ( رحمه الله ) . وبعد انتهاء الحصار بعد ( 7 ) أيام انسحبنا من المكان بخسائر كبيرة . علما انني خدمت العلم العراقي مدة ( 26 ) شهرا كاملا .
وما زاد الطين بلة في همومي وشقائي هو سماعي خبر وفاة والدي أثناء خدمتي وحتى عدم مشاركتي في مراسيم دفنه أليس ( يوسف الصديق ) أكثر رحمة مني ...؟ أصبحت يتيما في العشرين من عمري ، نظرت الى السماء وقلت ( ياربي ، متى تفتح لي باب رحمتك ) ،
تسرحت من الخدمة سنة 1945 ورجعت الى قريتي بيبان ، ثم ذهبت للعمل في تلكيف في معمل للراشي لمدة ( 3 ) سنوات ، وخلال عملي هناك حصلت على بعض المال وتيسر لي دخول قفص الزوجية ، حيث تزوجت من السيدة ( كلي علو حجي ) من قرية دوغات ، حيث كانت لنا حياة هادئة وبسيطة مع بعضنا قضيناها بمرها وحلوها ، أنجبت لي ( 6 ) أولاد و ( 3 ) بنات أكبرهم الاستاذ بشير مدرس اللغة العربية  من مواليد 1951 .
تركت العمل في تلكيف ، وانتقلت الى قرية شيخكة لأعمل فلاحا في بيت ( بابا شيخ ) لمدة سنتين .
ثم أنتقلت للعمل في بيت الالقوشي ( ميخا زراكا ) فلاحا أيضا لمدة سنة واحدة . تركت العمل هناك وأنتقلت للعمل في منطقة الحسينية في نفس العمل عند الالقوشي ( عيسى وردة ) لسنة واحدة .
ثم رجعت الى قريتي وبقيت أعمل فلاحا وراعيا ( قال بحسرة وبعد نفس طويل ) كنت كالكرة في هذه الدنيا تارة شمالا وتارة جنوبا تقذفني ..، رجعت الى تلكيف سنة 1953 للعمل في معمل الراشي وفي مساء أحد الايام من عام 1954 وصلني خبر بواسطة أحد الايزيديين بأن أخي (مراد ) مريض جدا وفي أنفاسه الاخيرة وهو الوحيد الذي بقي لي في هذه الدنيا من عائلتي .
حيث تمكن منه المرض قبل 10 أيام بسبب عدم توفر المال اللازم لنقله الى المستشفى للعلاج .
وأستمر السيد كافان بالحديث وقال : خرجت من تلكيف الساعة ( 1 ) ليلا تقريبا ومشيا على الاقدام متوجها الى القرية ودون توقف ، وصلت الى البيت فجرا ، وشاهدت أخي مراد ممدا على الفراش لاحول له ولا قوة ، أنا أيضا لاحول لي لأنقذه ولا مال لاسعفه وثانية قلت الى متى ربي ؟ لاأب لاأم لا أخوة !!


أمسك أخي بيدي وأوصاني على عائلته ( زوجة وولد وبنت ) كانت دموعي هي الجواب وتخيلت فرعا وغصنا آخر من شجرة عائلتي يهوي ويسقط ، تاركا حملا ثقيلا على ظهري ، بعد ساعتين من وصولي الى البيت توفي أخي ( مراد ) رحمه الله  انها أرادة الرب والحمد لله على كل شئ . تكفلت بتربية ومعيشة عائلة أخي وعاملت أولاده كأخوة لأولادي ولكن القدر كان أيضا ملاحقا لنا ، حيث بعد عام من وفاة أخي توفيت زوجته بسبب المرض أيضا ، لكن رغم ذلك لم يشعر أولاد أخي بأنهم يتامى فكنت كوالد لهم وزوجتي كأم لهم .
رجعت الى قريتي تاركا العمل في تلكيف ، وتوجهت للعمل في الفلاحة لأعيل ( 13 ) فردا . ليدخلوا المدارس وينالوا مرادهم من الدنيا بأختيارهم ويعيشوا حياة سعيدة لأني لاأريد أن تتكرر المأساة التي مررت بها . عملت بجهد وثقة لكي أنال مرادي في أحفادي والحمد لله ، تحقق ذلك لاحقا حيث أصبحوا معلمين ومدرسين وتزوجوا ومنهم سافر خارج القطر ،حتى أولاد إخي تزوجوا وهم يزورونني باستمرار للأطمئنان على صحتي . تحسنت حالتي المعيشية في بداية الستينات ، بعد تحمل أولادي جزءا كبيرا من عبئي المعيشي ، ومن ثم أشتريت محراثا ( جرار ) مناصفة مع شخص آخر لحراثة الارض بالمقابل . فكان هذا واردا لعائلتي .
وفي أحدى المرات وأنا أحرث الارض أنقلب بي الجرار ، فأصبحت محصورا تحته ل ( 3 ) ساعات . الى أن جاء أهل القرية وأخرجوني دون أذى والرب هو منقذي ، لأن عين الرب على عبده الذي تحمل أثقل مئات المرات من ثقل هذا المحراث . بعد كل تلك الحياة القاسية والصعبة ، نجد الله عز وجل ينظر الينا بعين الرحمة ، فبدأت حياتنا تتحسن ، والآن الحمد لله أعيش حياة سعيدة هادئة مع أولادي جميعا ، وأشهد بالله أن جميعهم لم يقصروا في واجباتهم من حيث الاهتمام والرعاية بي وكذلك بوالدتهم المرحومة التي وافاها الاجل عام ( 2010 ) رحمها الله وأسكنها فسيح جناته . وأتمنى لكل أولادي وأحفادي التوفيق والامان والخير .
بعد ذلك أعطى بركاته لكافة أولاده وبناته وأحفاده صغارا وكبارا وخاصة أبنه البكر الاستاذ بشير الذي يلبي كافة طلباته .
كما أكد الاستاذ بشير بأن والده ضحى بحياته لينالوا المستويات الدراسية ، وهذا دليل على أهتمام الوالدين بأبنائهم ليكونوا سعداء في حياتهم ، فعلا تحقق ما كان يتمناه .
وفي الختام تمنى السيد كافان الامان والاستقرار والمستقبل المزدهر لنا جميعا وأن يعم السلام في وطننا العراق كي ننسى الايام العصيبة التي عشناها ، وأخيرا أشكر مجلة أور لآهتمامها الكبير بهذه الشريحة ، متمنيا أن يستفيد القارئ الكريم من تجارب حياتنا التي عشناها .
كلنا نتمنى للسيد كافان علي ميرزا العمر الطويل والصحة والعافية ...

 

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese

سالم كافان

مواقع صديقة

برامج تهمكم

 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

أرشيف

صورة مختارة